تبني التبادل الثقافي: منظور المصمم السعودي حول رؤية 2030

كمصممة سعودية عَملت في الخارج، كانت رؤية المملكة العربية السعودية 2030 رحلة رائعة لمشاهدتها ولأكون جزءًا منها. هذه الخطة الطموحة لتغيير المشهد الاجتماعي والاقتصادي، وخاصة نهجها في الثقافة والتراث حيث كان لها صدى عميق معي.

انفتاح السعودية للسياحة و تدفق الكيانات الدولية، نتج عنه تفاعل جديد بين الثقافات إذ إنه سيف ذو حدين، رأيت بنفسي مخاوف زملائي المصممين السعوديين الذين يخشون أن يتسبب خلط تراثنا الغني أو استغلاله من قبل الغرباء حيث ان هذه المخاوف مبررة بصفتنا أوصياء على ثقافتنا، فمن الطبيعي ان نتوخى الحذر حيث أننا نعتز بتقاليدنا وتراثنا، بدءًا من تصاميم أزيائنا الدقيقة وحتى المعمار الرائع الذي يزيّن مدننا. مشاهدة تحريفها أوتجارتها هو قلق حقيقي.

بالرغم من ذلك، من المهم التفرقة بين التراث والتصميم. بينما يترسخ تراثنا بعمق في تاريخا وتقاليدنا، فإن التصميم هو التعبير المعاصر عن هويتنا الثقافية. في هذه الحقبة المعاصرة من الطبيعي أن يتطور التصميم ويستوعب عناصرًا من ثقافات أخرى وكمصممين سعوديين، لدينا الفرصة لتشكيل هذا التطور ومزج تراثنا بالتأثيرات الدولية لخلق شيء سعودي مُعاصر و فريد من نوعه
ليكون عالمي المستوى.

علّمتني تجاربي في الخارج أن التبادل الثقافي شيء جميل. فهو لا يتمحور حول محو جذورنا بل عن مشاركتها مع العالم. في عملي مع المحيط الدولي تعرفت على أشخاص حريصين على التعلم عن الثقافة والتقاليد والجماليات التصميمية السعودية. ليسوا يبحثون عن الاستيلاء، بل يريدون فعلًا فهم وتقدير ذلك.

في عملي الخاص، وجدت الإلهام في اندماج الثقافات. وقد فتح التأثير الغربي إمكانيات فريدة في التصميم على الموضة السعودية، مثل دمج عناصر الملابس الخارجية، فالأمر ليس عن محو هويتنا، بل عن تطويرها، وخلق شيء فريد من نوعه سعودي ولكنه متأثر
بثقافات العالم، إذ أن قرار المملكة العربية السعودية بفتح أبوابها أمام السياحة ليس مجرد سياسة؛ بل هو دعوة للعالم بأسره لاستكشاف ثقافتنا وتراثنا، وفهمها، والانخراط بها، إنه فرصة للعالم لرؤيتنا خارج العناوين المضللة.

بالطبع، مع هذه الابواب المفتوحة، تأتي المسؤولية على التأكد من احترام تراثنا الثقافي حيث يجب على الزوار التعامل مع تقاليدنا ورموزنا بحذر وفهم، مع الاعتراف بالسياق التاريخي والثقافي، ولكن لا ننسى الحاجة إلى تبني ودعم الدوليين الذين يرغبون في تعلم ثقافتنا وتبنيها والمساهمة في تطوير تصاميمنا.

كمصممين سعوديين، لدينا فرصة أن نكون سُفراء ثقافيين، للتوجيه والتعاون مع أولئك الذين يسعون بصدق للانخراط في تراثنا وتصميماتنا.

كمصممين سعوديين من منظور عالمي، يجب أن نتبنى حقيقة أن التبادل الثقافي يعمل في الاتجاهين، وبينما نتطلع إلى تحقيق الاعتراف العالمي والمساهمة في التصميم الدولي، لا يمكننا أن نتوقع إيقاف تدفق التأثيرات المعاكسة، بل يجب علينا أن نرحب بالتبادل الثقافي بصدر رحب، وندرك إمكانية الابتكار والإثراء الذي يجلبه إلى عملنا. فإنه من خلال هذا التبادل الديناميكي الذي يمكننا حقًا إنشاء تصاميم يتردد صداها عالميًا في حين الحفاظ على جوهر تراثنا السعودي.


في الختام، رؤية المملكة العربية السعودية 2030 هي جزء مثير في تاريخ مملكتنا. إنها فرصة لنا كمصممين وفنانين سعوديين لمشاركة ثقافتنا و تصاميمنا مع العالم وتعلم من الآخرين بالمقابل. إنها فرصة للاحتفال بتراثنا وتبني التبادل العالمي للثقافات وأنماط التصميم العالمية. إنه لا يتعلق فقط برؤية 2030 ، بل يتعلق بتصور عالم حيث التبادل الثقافي والتصميم الابتكاري هما جسر للفهم والوحدة والتعاون في إيجاد شيء جميل وذو مغزى.

المواضيع ذات الصلة

إنضم إلى مجتمعنا لتتلقى الدعوات والأخبار والتقارير وغيرها من المعلومات حول صناعة التصميم السعودية


حي الزهرة ، شارع سدير ١٢٩٨٧
الرياض
المملكة العربية السعودية